العمل الجمعوي
عندما يتحول العمل التطوعي إلى ثقافة يومية
في زمن تتراجع فيه ثقة المواطنين في دور الجمعيات، تتألق جمعية "ليلاص" السكنية، الكائنة بدوار الدحامنة داخل جماعة أغبال، كنموذج استثنائي للعمل المدني الجاد والمستدام. فمنذ تأسيسها، لم تكتفِ هذه الجمعية بدورها التقليدي، بل تحولت إلى رافعة اجتماعية وثقافية وبيئية حقيقية، تسهم في تحسين جودة الحياة داخل التجزئة السكنية "ليلاص"، بقيادة مكتب مسير نشيط وعلى رأسه السيد رشيد المالكي، الرجل الذي أصبح اسمه مرادفاً للعمل الميداني والتضحية في سبيل الصالح العام.
أولاً: جمعية ليلاص السكنية – التأسيس والرؤية التنموية
1. من فكرة إلى مؤسسة فعالة:
تأسست جمعية "ليلاص" السكنية كردّ فعل حضاري على الحاجة المتزايدة لتنظيم الشأن المحلي داخل التجزئة السكنية "ليلاص" الواقعة في قلب دوار الدحامنة. هدفها لم يكن فقط تمثيل السكان، بل تجاوز ذلك إلى بناء نموذج للتنمية المحلية الشاملة، من خلال مشروع جمعوي متكامل يجمع بين:
-
البعد الاجتماعي،
-
البعد الثقافي والتوعوي،
-
والبعد البيئي والخدماتي.
2. رؤية عصرية تنبع من الواقع:
ما يميز الجمعية أنها لا تستورد مشاريعها من فوق، بل تبنيها من صلب الواقع اليومي للسكان، وتحتك بمشاكلهم، وتقترح حلولاً عملية وواقعية، وهذا ما جعلها تحظى باحترام واسع داخل الجماعة وحتى خارجها.
ثانياً: رشيد المالكي – رجل المبادرات والوجه الجمعوي البارز
1. مناضل ميداني لا يغيب عن الساحة:
رشيد المالكي، رئيس جمعية ليلاص، ليس مجرد فاعل جمعوي عادي، بل هو نموذج للرجل الملتزم، المتواجد ميدانياً في كل لحظة. اسمه أصبح مرتبطاً بمشاريع النظافة، حملات التشجير، التوعية البيئية، والأنشطة الثقافية والتربوية.
2. قيادة تُؤمن بالشراكة والعمل الجماعي:
من بين أهم ركائز نجاح المالكي في تسيير الجمعية، هو إيمانه القوي بالعمل الجماعي، وبأن الجمعية لا تُبنى على الأشخاص، بل على مؤسسات قوية ومشاركة جماعية. لذلك نجد مكتب الجمعية منفتحاً على الجميع، ويعمل وفق أسلوب تشاركي ديمقراطي.
ثالثاً: أنشطة الجمعية – تنوع واحترافية في الأداء
1. حملات النظافة والتطهير: نظافة الحي من نظافة الضمير
من بين أبرز أنشطة جمعية "ليلاص" المستمرة حملات النظافة وإزالة الأزبال، خصوصاً في غياب منتظم لتدخلات الجماعة الترابية. وتقوم الجمعية بما يلي:
-
تنظيم حملات تطوعية جماعية أسبوعية أو شهرية.
-
التنسيق مع الجهات المختصة للحصول على الدعم اللوجستيكي.
-
التوعية والتحسيس بأهمية النظافة عبر الملصقات والجولات التواصلية.
2. الأنشطة البيئية: التشجير والحفاظ على الموارد
الجمعية تحرص على إحداث تغيير ملموس في السلوك البيئي داخل الحي من خلال:
-
التشجير المنظم على جنبات الطرقات والأزقة.
-
صيانة المساحات الخضراء المحدودة.
-
مكافحة مظاهر التلوث العشوائي.
3. برامج الدعم الاجتماعي: جمعية بروح تضامنية حقيقية
تهتم الجمعية بفئات هشة مثل الأرامل، الأيتام، والعائلات المعوزة، عبر:
تنظيم قفف غذائية دورية.
-
دعم التمدرس بتوزيع المحافظ والأدوات المدرسية.
-
التعاون مع جمعيات خيرية ومتبرعين.
4. الأنشطة الثقافية والتوعوية: بناء الوعي قبل البنية
تؤمن جمعية ليلاص بأن التنمية الحقيقية تبدأ من الرأس وليس من البنية التحتية فقط. لذلك فهي:
-
تنظم ورشات تحسيسية للأطفال والشباب حول التربية، البيئة، الصحة.
-
تقيم أياماً ثقافية وفنية داخل الحي.
-
تساهم في محاربة الهدر المدرسي والدعوة إلى التعليم.
رابعاً: التحديات التي تواجه الجمعية ومقترحات الدعم
1. غياب الدعم المؤسساتي الكافي:
رغم كل ما تقدمه الجمعية من خدمات، فإن دعم الجماعة الترابية يبقى محدوداً، سواء مادياً أو لوجستياً، وهو ما يشكل عبئاً كبيراً على أعضائها.
2. ضعف الموارد المالية:
تُموَّل الجمعية أساساً من مساهمات الساكنة وبعض المحسنين، لكنها تحتاج إلى:
-
شراكات رسمية مع مؤسسات الدولة.
-
دعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
-
برامج تمويل محلية وجهوية.
3. الحاجة إلى الاعتراف الرسمي والتكريم:
إن عدم التقدير الرسمي لجهود هذه الجمعية الفاعلة هو خلل يجب إصلاحه. الاعتراف المعنوي والتحفيز الرمزي يمكن أن يفتح أبواباً واسعة أمامها.
خامساً: لماذا تُعدّ جمعية ليلاص نموذجاً يجب تعميمه؟
-
لأنها استطاعت أن تثبت أن التغيير يبدأ من القاعدة.
-
لأنها ترجمت شعار "الحي مسؤوليتنا" إلى ممارسة فعلية.
-
لأنها تضم رجالاً ونساءً يعملون بصمت وبنكران ذات.
-
لأنها تجاوزت دور التسيير إلى دور التأطير والتكوين والتأثير.
ختاما: من دوار الدحامنة إلى خارطة الأمل الجمعوي بالمغرب
ما تقوم به جمعية ليلاص السكنية ليس مجرد عمل تطوعي موسمي، بل هو مشروع حياة. مشروع يقوده رجال من طينة نادرة، أبرزهم رشيد المالكي، بروح الفريق والمثابرة. ولعل قصة هذه الجمعية، التي وُلدت من رحم الحاجة وتحولت إلى ملاذ للأمل، تصلح أن تكون درساً بليغاً للعديد من الجمعيات التي تبحث عن النجاح، وللمسؤولين الذين يتحدثون عن التنمية وهم في مكاتبهم.
إن دعم مثل هذه التجارب النبيلة، وتعميمها، هو الطريق الحقيقي نحو مغرب جديد، تتصدر فيه المبادرات المحلية الصادقة مسار الإصلاح، بدل أن تظل ضحية التهميش والتجاهل.
شجع التغيير، وكن جزءاً منه!
إذا كنت ترى في هذا النموذج أملاً جديداً، فلا تتردد في مشاركة المقال، أو حتى الاتصال بالجمعية لتقديم مقترحاتك أو دعمك. المستقبل يصنعه من يؤمن أن التغيير يبدأ من الأسفل، تماماً كما تفعل جمعية "ليلاص".
أكتب تعلقيك هنا إن كان لديك أي تسائل عن الموضوع