من قلب بركان.. ندوة تكشف خبايا أزمة التعليم بفزوان ومعاناة الأسر مع النقل وإغلاق المدارس

ساكنة جماعة فزوان بين مطرقة إغلاق الفرعيات و سندان إلزامية فرض رسوم النقل المدرسي

 

يشهد الدخول المدرسي لموسم 2025/2026 بجماعة فزوان، التابعة لإقليم بركان، جدلاً واسعًا بعدما اصطدمت الأسر والتلاميذ بجملة من التحديات، أبرزها إغلاق عدد من الفرعيات التعليمية وإلزامية أداء رسوم النقل المدرسي، ما جعل الحق في التعليم، باعتباره حقًا دستورياً، عرضة للتقليص والتهميش. هذا الوضع دفع حزب العدالة والتنمية ببركان، من خلال هيئاته الإقليمية والمحلية، إلى تنظيم ندوة مساء الجمعة 26 شتنبر 2025 لمناقشة "دخول مدرسي متعثر بجماعة فزوان: إغلاق الفرعيات وإلزامية أداء رسوم النقل المدرسي"، وذلك بحضور فعاليات سياسية ومدنية وإعلامية.

الندوة عرفت مشاركة السيد المصطفى القوري (الكاتب الإقليمي للحزب)، و السيد عبد الحق مقتل (الكاتب المحلي للحزب بفزوان)، إضافة إلى الفاعل الجمعوي محمد عزماني المهتم بالشأن المحلي. هذا اللقاء لم يكن مجرد نقاش عابر، بل كان محاولة لرفع صوت الساكنة أمام تفاقم أزمة التعليم بالعالم القروي، وربط الموضوع بتحديات وطنية تمس مبدأ تكافؤ الفرص وجودة التعليم.

المحور الأول: الأزمة التعليمية في جماعة فزوان.. خلفيات وسياق

منذ سنوات، يعيش قطاع التعليم بالعالم القروي على وقع اختلالات متراكمة، أبرزها ضعف البنيات التحتية، و قلت المنشأت التعليمية.بجماعة فزوان، حيث برزت هذه الإشكالات بشكل أوضح خلال الموسم الدراسي الجديد، مع تقرر إغلاق بعض الفرعيات التابعة لمجموعة مدارس أبي العباس الجيراوي، بدعوى قلة التلاميذ أو ضعف الموارد أو كما جاء على لسان أحد الأباء( أن المدير الاقليمي لمديرية التعليم صرح لهم أن سبب إغلاق هذه الفرعيات هو غياب الأساتذة )، ما سيؤدي إلى تشريد عدد من الأطفال تربويًا ودفعهم إلى قطع مسافات طويلة عبر النقل المدرسي إن توفر لهم للوصول إلى مؤسسات أبعد.

إلى جانب ذلك، فرضت على الأسر رسومًا إضافية للنقل المدرسي و التي حددت في 200 درهم لكل تلميذ أو تلميذة، وهو ما أثار موجة استياء، باعتبار أن النقل حق وليس امتيازًا، خاصة وأن الدولة سبق أن التزمت في برامجها الوطنية (مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبرنامج "تيسير" و الدعم الذي تقدمه الجماعات الترابية) بدعم تمدرس أبناء الأسر الفقيرة والهشة.

المحور الثاني: إغلاق الفرعيات.. قرار تقني أم تهميش اجتماعي؟

إغلاق الفرعيات القروية يعكس معضلة أعمق في السياسة التعليمية بالمغرب. المسؤولون يبررون هذه القرارات بـ"ضعف النجاعة" أو "قلة الموارد البشرية"، لكن الواقع يكشف أن هذه الخطوة تؤدي إلى نتائج عكسية، منها:

• ارتفاع نسبة الهدر المدرسي خاصة بين الفتيات.

• زيادة الأعباء المادية على الأسر الفقيرة التي تضطر لتحمل تكاليف إضافية.

• تقويض مبدأ الإنصاف المجالي بين الوسطين الحضري والقروي.

كما أشار المتدخلون في الندوة إلى أن الإغلاق لم يواكبه أي بديل عملي حقيقي يضمن استمرارية التمدرس في ظروف مناسبة، ما جعل الكثير من الأولياء يعبرون عن مخاوفهم من اضطرار أبنائهم إلى الانقطاع المبكر عن الدراسة.

المحور الثالث: رسوم النقل المدرسي.. عبء إضافي على الأسر

النقل المدرسي، الذي كان يُنظر إليه كآلية لتشجيع التمدرس بالعالم القروي، تحول إلى عبء جديد و فرصة للربح بالنسبة للجمعية الاقليمية لتطوير و تعميم التعليم، بعدما فُرضت هذه الرسوم على الأسر.

• بعض الأسر تحدثت عن مبالغ تتجاوز قدرتها الشهرية.

• آخرون اعتبروا أن هذا القرار يتناقض مع الخطاب الرسمي حول "المجانية والعدالة الاجتماعية".

المحور الرابع: الندوة كفضاء للنقاش.. شهادات وتحليلات

تميزت الندوة التي نظمها حزب العدالة والتنمية ببركان بمداخلات غنية:

• المصطفى القوري ركز على البعد القانوني والدستوري للحق في التعليم، مبرزًا أن أي قرار إداري يجب أن ينسجم مع مقتضيات الدستور المغربي الذي يضمن تكافؤ الفرص.

• عبد الحق مقتل سلط الضوء على خصوصية جماعة فزوان، باعتبارها جماعة قروية تحتاج إلى دعم مضاعف بدل إجراءات تقليصية.

• محمد عزماني نقل صوت الأسر ومعاناتها اليومية، مبرزًا أن التعليم لم يعد فقط مسألة بيداغوجية، بل مسألة كرامة وعدالة اجتماعية تخص ساكنة العالم القروي الذي ينتمي إليه و يرى نفسه جزء لا يتجزء منه.

المحور الخامس: الأبعاد الوطنية للأزمة

ما يحدث في جماعة فزوان ليس معزولًا، بل يعكس أزمة أوسع:

• استمرار معاناة العالم القروي مع غياب العدالة المجالية.

• فشل بعض البرامج الحكومية الإصلاحية في ضمان استدامة النتائج.

• ضعف التنسيق و التواصل بين وزارة التربية الوطنية الجهات المعنية( جمعيات/أباء/جماعات ترابية).

الخبراء يرون أن الحل يتطلب مقاربة تشاركية شمولية، تبدأ بإعادة النظر في السياسات التعليمية، مرورًا بدعم الجماعات الفقيرة بموارد مالية وبشرية، وصولًا إلى تحفيز الأطر التربوية على العمل في المناطق النائية.

المحور السادس: التوصيات والحلول المقترحة

في ختام الندوة، خرج المشاركون بعدة توصيات:

1. التراجع الفوري عن قرار إغلاق الفرعيات دون بديل عملي.

2. إلغاء رسوم النقل المدرسي غير قانونية نظرا للشراكة مع المجلس المنتخب.

3. إشراك المجتمع المدني في تتبع الدخول المدرسي واقتراح حلول.

4. تعزيز البنية التحتية التعليمية بالعالم القروي.

5. ربط أي قرار تربوي بمبدأ العدالة الاجتماعية والإنصاف.

ختاما: التعليم.. أمل القرية ومستقبل الوطن

إن أزمة الدخول المدرسي بفزوان تكشف عن معركة يومية تخوضها الأسر القروية من أجل مستقبل أبنائها. التعليم ليس رفاهية، بل هو حق أساسي وشرط لتحقيق التنمية. لذلك، فإن استمرار إغلاق الفرعيات وإثقال الأسر برسوم النقل التي تشكل تهديدًا مباشرًا على مستقبل جيل كامل.

الندوة المنظمة ببركان لم تكن مجرد لقاء، بل كانت صرخة ضمير جماعي تنبه إلى أن أي إصلاح حقيقي للتعليم يبدأ من القرى والمناطق الهشة. وإذا كان المغرب يطمح إلى بناء نموذج تنموي جديد، فإن أول اختبار جدي له هو ضمان تعليم عادل ومنصف لكل طفل، سواء كان في الدار البيضاء أو في فزوان.

الأسئلة الشائعة (FAQ):

1. ما هي أبرز مشاكل الدخول المدرسي بجماعة فزوان؟

إغلاق الفرعيات التعليمية، إلزامية رسوم النقل المدرسي، بعد المؤسسات التعليمية عن الدواوير، وضعف الموارد البشرية.

2. ما سبب إغلاق الفرعيات التعليمية؟

المديرية حسب تصريحات الأباء تبررها بقلة التلاميذ وضعف الموارد، لكن المنتقدين يرونها قرارات متسرعة تضر بمبدأ تكافؤ الفرص.

3. هل النقل المدرسي مجاني؟

نعم من المفترض أنه مجاني لكونه مدعومًا بالمال العام الذي تقدمه جماعة فزوان للجمعية المسؤولة عن النقل، لكن الأسر فوجئت بفرض رسوم غير قانونية إضافية أثقلت كاهلها.

✍️ تشجيع على التفاعل:

ما رأيك أنت كقارىء في قرار إغلاق الفرعيات وفرض رسوم النقل المدرسي؟ هل ترى أنها خطوة إصلاحية أم تهميش إضافي للعالم القروي؟ شاركنا رأيك في التعليقات وشارك المقال مع أصدقائك لدعم نقاش وطني مسؤول حول مستقبل التعليم بالمغرب.