أخبار بلا حدود -- NEWS BILA HODOUD  أخبار بلا حدود -- NEWS BILA HODOUD

آخر الأخبار

أكتب تعلقيك هنا إن كان لديك أي تسائل عن الموضوع

وزارة العدل بين سندان الإصلاح و مطرقة السلطوية و حب الذات :حين ناصر الرميد حرية الصحافة وضيّق وهبي الخناق

الرميد ناصر حرية الصحافة و التعبير و وهبي ضيّق الخناق


عبد اللاطيف وهبي / مصطفى الرميد


في التاريخ السياسي لأي دولة، هناك وزراء يمرّون مرور الكرام، وهناك من يُخلّدهم التاريخ، سواء بما أنجزوا أو بما قوّضوا. وفي المغرب، لا يمكن استحضار وزارة العدل دون الحديث عن وزيرين أثارا جدلًا واسعًا، كلٌّ بطريقته: مصطفى الرميد وعبد اللطيف وهبي.


كلاهما محامٍ، وكلاهما حمل حقيبة "العدل"، وكلاهما خرج من رحم حزبٍ يحمل مرجعية واضحة: الأول من العدالة والتنمية بتوجّه إسلامي محافظ، والثاني من الأصالة والمعاصرة بخلفية يسارية حداثية. لكن المفارقة التاريخية الصادمة أن المحافظ دافع عن حرية الصحافة، بينما الحداثي ضيّق عليها!


الرميد.. حين انحاز "الإسلامي" للصحفيين:


شغل مصطفى الرميد منصب وزير العدل والحريات  سابقا في حكومة السيد عبد الإله بنكيران، في سياق سياسي حساس أعقب حراك 20 فبراير، وما تلاه من إصلاحات دستورية. لكن رغم ضغط الشارع، تميزت فترة الرميد بإرادة سياسية واضحة لإرساء إصلاحات في القضاء، وتحقيق نوع من الانفتاح الحقوقي.


أهم مواقف الرميد الحقوقية: 


رفض متابعة الصحفيين جنائيًا: عبّر مرارًا عن موقفه الصريح بضرورة احترام قانون الصحافة والنشر كإطار مرجعي لمهنة الصحافة، رافضًا استعمال القوانين الجنائية ضد الصحفيين، ما شكّل صمّام أمان مؤسساتي لحرية التعبير.


دعم الجمعيات الحقوقية: لم يتردد في تقديم دعم معنوي ومادي لجمعيات حقوق الإنسان، حتى عندما اصطدمت هذه الأخيرة بخطوط الدولة "الحمراء"، وكان يرى في المجتمع المدني حليفًا للإصلاح، لا خصمًا.


دفعه نحو تجريم الإثراء غير المشروع: تبنّى مشروع قانون يُلزم كبار المسؤولين بتبرير مصادر ثرواتهم، وهو مشروع ووجه لاحقًا بالكثير من المقاومة.


الإفراج عن الصحفيين: في أكثر من حالة، كان تدخّله – بشكل مباشر أو غير مباشر – عنصرًا حاسمًا في إنهاء معاناة صحفيين معتقلين، إيمانًا منه بأن حبس الصحفيين لا يخدم صورة المغرب الحقوقية ولا ينسجم مع الدستور.


رمزية سياسية: 


ما يُحسب للرميد – وإن اختلف معه كثيرون – أنه ظلّ محافظًا في مرجعيته، لكنه تقدّميّ في مواقفه الحقوقية. وهو مفارقة نادرة في السياسة المغربية. لم يكن في خندق الصحفيين، لكنه لم يكن أبدًا خصمهم.


وهبي.. حين تحوّل "اليساري" إلى خصم حرية التعبير :


في المقابل، يقود عبد اللطيف وهبي وزارة العدل اليوم في حكومة السيد عزيز أخنوش ، في سياق مختلف تميز بتراجع النقاش العمومي، واستشراء خطاب المواجهة بدل الإصلاح. ورغم انتمائه إلى حزب يُعرّف نفسه كحداثي وتقدمي، فإن مواقف وهبي السياسية والحقوقية كانت – بالنسبة لكثيرين – نكسة حقيقية في سجل المغرب الحقوقي.


أبرز الانتقادات الموجّهة إليه: 


محاولاته إسكات الصحفيين: أصرّ على متابعة عدد من الصحفيين بقوانين جنائية، متجاهلًا القانون المنظم للصحافة والنشر، وهو ما أثار ردود فعل واسعة من الهيئات الحقوقية والإعلامية.


خطابه العدائي تجاه الإعلام: في عدة مناسبات، تبنّى وهبي خطابًا هجوميًا، وصل حدّ الاستهزاء من الصحافة، ووصف الصحفيين بأوصاف أقلّ ما يُقال عنها إنها غير لائقة من مسؤول حكومي.


نسف إصلاحات الرميد: خلال ولايته، أوقف مسار تجريم الإثراء غير المشروع، معتبرًا أن المشروع "شعبوي"، وأغلق الباب أمام أي مشاركة للمجتمع المدني في تتبع الفساد الإداري أو المالي.


التصريحات المستفزة: سُجّلت عليه تصريحات اعتُبرت مستفزّة للمؤسسات الدستورية، مثل المجلس الأعلى للحسابات أو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ما فُسّر بأنه لا يُؤمن بمفهوم "الرقابة المتبادلة" بين السلطات.


مفارقة مؤلمة: 


الغريب أن وهبي قدّم نفسه كمدافع عن الحداثة والعدالة الاجتماعية وحرية التعبير، لكنه انتهى – بحسب منتقديه – إلى ممارسة ما يشبه "الوصاية الأخلاقية" على الرأي العام، محوّلاً وزارة العدل إلى مؤسسة للعقاب أكثر منها منصة للإصلاح.


من سيذكره التاريخ؟ 


التاريخ لا يُنصف إلا من امتلك شجاعة الموقف. الرميد، رغم انتقادات كثيرة في ملفات أخرى، سيظل في نظر الكثيرين وزيرًا تبنّى إصلاحات جريئة، وأطلق إشارات قوية في اتجاه حماية حرية التعبير. أما وهبي، فسيظل اسمه مرتبطًا بأحلك فصول التوتر بين السلطة والصحافة في المغرب المعاصر.


وقد لخّص ذلك الصحفي بوعشوين بدقّة حين قال:


"سيخرج وهبي من الوزارة بثلاث بُقع سوداء على جلابته البيضاء… ستطارده باقي حياته".


خلاصة: ليس كل من حمل حقيبة العدل عدلًا 


المسؤولية الوزارية لا تُقاس بالانتماء الحزبي ولا بالمرجعية الفكرية، بل بالمواقف عند المنعطفات. ومتى ما تحوّل "وزير العدل" إلى خصم للحقوق، فإن الدولة نفسها تُخاطر برصيدها الحقوقي، داخليًا ودوليًا.


فلنتذكّر دائمًا أن العدل ليس صفة في اسم الوزارة، بل في سلوك من يتولاها.


الأسئلة الشائعة (FAQ) :


1. ما الفرق الجوهري بين الرميد ووهبي كوزيري عدل؟


الرميد دافع عن حرية الصحافة واستقلال القضاء، بينما وهبي لاحق الصحفيين جنائيًا وتراجع عن مبادرات إصلاحية.


2. لماذا وُجهت انتقادات لوهبي رغم انتمائه لحزب حداثي؟


لأنه تبنّى خطابًا وممارسات تُناقض شعارات الحزب، كالتضييق على الصحفيين ومهاجمة الهيئات الدستورية.


3. هل نجح الرميد في تحقيق جميع وعوده الإصلاحية؟


رغم بعض التعثرات، إلا أنه أطلق إشارات مهمة في تجريم الإثراء غير المشروع ودعم الحريات.


4. كيف أثرت هذه السياسات على صورة المغرب دوليًا؟


التراجع في حرية التعبير في عهد وهبي أثار انتقادات دولية، وأضعف رصيد المغرب في تصنيف حرية الصحافة.

عن الكاتب

مدونة أخبار بلا حدود مدونة أخبار بلا حدود -- News Bilal Hodoud هي بوابتكم الموثوقة لمتابعة أحدث الأخبار الدولية والوطنية والمحلية. نلتزم بتقديم تغطية شاملة لأبرز الأحداث حول العالم، مع تسليط الضوء على القضايا والتطورات في المغرب. هنا ستجدون تحليلات معمقة، وآراء موضوعية، وتغطيات حصرية تواكب كل ما يهم القارئ المغربي من أخبار سياسية، اقتصادية، وثقافية، وصولاً إلى الأخبار المحلية التي تؤثر في حياتنا اليومية. انضموا إلينا لتكونوا دائمًا على اطلاع بكل جديد

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

أخبار بلا حدود -- NEWS BILA HODOUD