حامة فزوان إستغلال الرصيف و الطريق أصبح حق مشروع
في زمن أصبح فيه احتلال الأرصفة وعرقلة السير مشهدًا يوميًا مألوفًا في العديد من المراكز القروية، تطل علينا جماعة فزوان بمبادرة جريئة ومُلفتة للانتباه، قادها قائد قيادة أغبال، لتعيد إلى الشارع هيبته، وإلى المواطنين كرامتهم في التنقل بحرية وأمان. لقد عكست هذه الحملة بداية أمل في استرجاع النظام والجمالية، غير أن هذا الحلم سرعان ما تعرّض للخذلان، حين عاد بعض التجار، من باعة الأعشاب والإسفنج والآيس كريم والخضر، إلى احتلال قارعة الطريق من جديد، ضاربين عرض الحائط بالقانون والمصلحة العامة.
أولآ: فزوان… الفوضى و الاستغلال البشع دون حسيب ولا رقيب
مركز جماعة فزوان، التابع ترابيًا لقيادة أغبال بإقليم بركان، ليس استثناءً. لعقود، تحوّلت أرصفته إلى "ملكية خاصة" لباعة موسميين أو دائمين، وتحوّلت طرقه إلى أسواق مفتوحة تعيق حركة السير، وتُشوه صورة المركز، وتضعف من جاذبيته كوجهة عبور أو استراحة.
ثانيًا: الحملة الأمنية لتحرير الملك العمومي… عودة القانون والنظام دور قائد قيادة أغبال
في خطوة مفاجئة وإيجابية، قاد السيد قائد قيادة أغبال حملة لتحرير الأرصفة وقارعة الطريق بمركز جماعة فزوان. وقد كانت هذه الحملة قانونية منظمة، خالية من العشوائية، ومرتكزة على روح الحوار، ما جعلها تلقى استحسانًا واسعًا من طرف الساكنة والزوار.
النتائج المباشرة:
إخلاء أهم محاور السير من العربات والعشوائيات.
إعادة الاعتبار لجمالية المركز وتنظيمه.
ارتياح عام لدى الزوار وأرباب المركبات.
وقد وصف أحد المواطنين هذه البادرة قائلًا: "كنا نحلم بأن نسير في أرصفة فزوان دون أن نضطر للنزول إلى الشارع، واليوم تحقّق ذلك ولو جزئيًا."
ثالثًا: الانتكاسة… حين ينتصر منطق الفوضى على النظام عودة الاحتلال بعد الحملة
رغم النجاح الباهر للحملة، فإنها لم تدم طويلًا. فعلى بعد أيام فقط من الحملة، عاد بعض التجار إلى احتلال الملك العمومي، وكأن شيئًا لم يكن. من أبرز هؤلاء:
باعة الأعشاب: الذين ينصبون طاولاتهم وسط الرصيف.
باعة الإسفنج والآيس كريم: الذين يركنون عرباتهم وسط الطريق.
بعض باعة الفخار و باعة الخضر و الملابس و المقاهي : الذين يفرشون منتجاتهم قرب المحاور الحيوية.
الدرجات الرباعية الدفع: التي أصبحت تغزوا حامة فزوان من كل جهة
الأسباب المتداولة:
غياب المراقبة المستمرة بعد الحملة.
ضعف الردع القانوني أو غياب الغرامات الرادعة.
غياب بدائل اقتصادية أو فضاءات تجارية منظمة.
إحساس بعض التجار بالحماية السياسية.
رابعًا: بين حماية العيش الكريم وتنظيم الفضاء العمومي معضلة اجتماعية
لا يمكن إنكار أن العديد من هؤلاء الباعة ينتمون إلى فئات اجتماعية هشة، تُكافح من أجل لقمة العيش، ولا تملك مصادر دخل ثابتة، ما يجعلهم يلجؤون إلى الرصيف كمصدر رزق.
لكن… بأي ثمن؟
الحق في العيش الكريم لا يعني تحويل الشارع العام إلى ملكية خاصة، ولا يبرّر عرقلة المرور أو تعريض حياة الأطفال وكبار السن للخطر.
الحل يكمن في التوازن:
خلق أسواق نموذجية: في أطراف المركز.
تخصيص فضاءات مغطاة للتجار المؤقتين.
دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة: لتحويل الباعة الجائلين إلى تجار نظاميين.
اعتماد مقاربة حقوقية في الزجر: لا فقط مقاربة أمنية.
خامسًا: ماذا بعد؟ آفاق واستراتيجيات
1. إعادة الحملة بشكل دوري ومنهجي
ينبغي على السلطات المحلية أن تتحرك وفق جدولة زمنية واضحة ومستمرة، تضمن عدم عودة الفوضى بعد كل حملة.
2. تعديل الإطار القانوني
تحتاج الجماعة إلى إصدار قرارات تنظيمية محلية تضبط استغلال الملك العمومي، وتفرض غرامات صارمة على المخالفين.
ختاما:
لقد أثبتت حملة تحرير الملك العمومي بمركز فزوان أن الإرادة الإدارية قادرة على إحداث التغيير، ولو بشكل مؤقت. غير أن نجاح أي مبادرة لا يُقاس فقط بنتائجها الآنية، بل بقدرتها على الاستدامة، والتأثير في السلوك الجمعي، وتحقيق العدالة بين المواطن والتاجر، بين القانون والحاجة، وبين الحقوق والواجبات.
إن مركز فزوان اليوم أمام مفترق طرق: إما العودة إلى الفوضى، أو السير في طريق التنظيم والكرامة. والكرة اليوم ليست فقط في ملعب السلطة، بل أيضًا في ملعب المجتمع المدني، والمواطن، والسياسي المحلي.
أكتب تعلقيك هنا إن كان لديك أي تسائل عن الموضوع